الاحتباس الحراري بين الرؤى الغربية والاسلامية للعالم جود شفيق ”دراسة تحليلية مقارنة“ جود شفيق

ظاهرة الاحتباس الحراري الارتفاع في درجات الحرارة في طبقات الجو القريبة من سطح الكرة الأرضية, والذي ممكن أن يساهم في إحداث تغييرات في الأنماط المناخية العالمية.

ظاهرة البيت الزجاجي ”الطبيعية“ جزء من هذه الحرارة تشعه الأرض الى الجو على شكل أشعه تحت الحمراء الأشعة الشمسية جزء من هذه الأشعة تمتصه الأرض وتحوله الى حرارة وترفع به حرارة الأرض لما يناسب استمرارية الحياة. الغازات الدفيئة الغازات الدفيئة, أو غازات الصوبة الخضراء (Green house gases)موجودة طبيعيا حول الأرض تساعد في المحافظة على ثبات درجة حرارة الأرض, بامتصاصها لبعض الأشعة التحت حمراء التي تشعها الأرض وإرجاعها الى الأرض مرة أخرى.

ظاهرة الاحتباس الحراري ”الغير طبيعية“ الأشعة الشمسية الغازات الدفيئة زيادة نسبة هذه الغازات الدفيئة الطبيعية في طبقة الجو المحيطة بالأرض ووجود غازات أخرى صناعية نتيجة الممارسات الانسانية , أصبحت هذه الغازات تعكس قدرا أكبر من الحرارة التي تشعها الأرض فترجعها مرة أخرى الى الأرض , رافعة بذلك حرارة سطح الأرض أعلى من المعدل الطبيعي, فتصنع ظاهرة الاحتباس الحراري.

التأثيرات المناخية للاحتباس الحراري

الرؤيا الاسلامية الرؤيا الغربية ما علاقة الاحتباس الحراري والرؤى الاسلامية والغربية للعالم؟

رؤية العالم والاحتباس الحراري رؤية العالم والاحتباس الحراري رؤية العالم هي ترجمة لمصطلح ألماني weltanschauung هي مجموعة المعتقدات والمبادىء والقيم التي من خلالها يحدد الانسان رؤيته لحقيقة الوجود, لحقيقة عالم الغيب وما يتضمنه من وجود خالق وعلاقته بالانسان, وعالم الشهادة وما يتضمنه من تعامله مع غيره من بني البشر ومع بيئته والكون ككل. إذن طرق وأساليب تعامل الانسان مع بيئته وكيف يتفاعل في حياته مع كل ما حوله هو مبني على رؤية محددة تضع الإطار التصوري الذي من خلاله تدرك أماكن المعلومات والأشياء بالنسبة لبعضها البعض وبالنسبة للإنسان. هدف البحث دراسة الاحتباس الحراري, أسبابه والحلول المقترحة, من مدخل الإطار التصوري الغربي ومقارنته بالإطار التصوري الاسلامي.

أسباب الاحتباس الحراري والحلول المقترحة الاسباب تقليل انتاج الغازات الدفيئة وهذا الحل يجب أن ينظر الى الجانب السياسي والأقتصادي والصناعي والربحي. ومنها الحمية الكربونية على المستوى الفردي. إيجاد مصادر بديلة للطاقة لا تؤدي الى زيادة انتاج الغازات الدفيئة. مثل طاقة الريح والشمس والكهرومائية. واستخدام الهيدروجين والطاقة النووية, والوقود العضوي. التفاعل الإيجابي مع البيئة من ناحية التأثير في تسارع عملية سحب الكربون من الجو. متمثلا في إيقاف إزالة الغابات, وزراعة المزيد منها. تقليص الغطاء النباتي, وهذا يحدث إما لاستخدام الأرض بعد إزالة الغابات في الزراعة أو رعي الماشية, أو للتجارة بالأخشاب. حرق البترول والفحم والغاز الطبيعي في الصناعات, في توليد الكهرباء, في السيارات ووسائل النقل المختلفة, في تدفئة المنازل. بعض الممارسات الزراعية,مثل زيادة زراعة الأرز ورعاية الماشية, استخدام الأسمدة الصناعية. بعض أنواع الصناعات تولد غازات معينة مثل صناعة النايلون.

الإطار التصوري (الرؤيا للعالم): قال فيدال أن هناك ستة أسئلة تحدد عناصر الرؤية للعالم: سؤال عن الوجود ontology ما هي حقيقة الوجود؟ كيف بدأ الكون explanation ؟ ماهو مصيرنا, الى أين ننتهي prediction ؟ كيف نحدد ما هو أخلاقي وما ليس كذلك, علم القيم ِaxiology ؟ كيف نتصرف, ما هو السلوك الصحيح Praxeology؟ ما هي نظرية المعرفة ?epistemology سأجمع هذه الأسئلة في ثلاث نقاط ومن خلالها سأناقش الاحتباس الحراري في الرؤيا الغربية, ثم في الرؤيا الاسلامية : 1- حقيقة الوجود (الله عز وجل, الانسان, الكون-البيئة) 2-القيم والسلوك. 3-نظرية المعرفة.

الرؤيا الاسلامية للعالم نشأة و تطور الرؤى الغربية والاسلامية للعالم الرؤيا الاسلامية للعالم الرؤيا الغربية للعالم جذور الرؤيا الغربية تمركزت في الديانة الرومايونانية, ومع تقدم الزمن والثورة ضد الكنيسة الكاثوليكية, تطورت الفلسفة بأنواعها ورسمت الإطار التصوري للعالم, مع التركيز على الفلسفة الانسانية التي تجعل من الانسان والعقل الانساني هو صاحب القرار في كل شيء, ثم بنيت عليها الفلسفة العلمية, ليتوج الانسان على عرش الكون بما توصل له من الرؤيا العلمانية التي يعتبرها الغرب قمة التطور الاجتماعي. الرؤيا الاسلامية ولدت ناضجة, لأنها جاءت من العلي القدير. لم تمر بأية أطور نضج. مصدرها وجذورها في الكتاب والسنة النبوية الشريفة. لم تدخل فيها أية فلسفات وأفكار بشرية.

الرؤيا الاسلامية للعالم حقيقة الوجود وتأثيرها في تعامل الانسان مع البيئة و ظهور الاحتباس الحراري الرؤيا الاسلامية للعالم الرؤيا الغربية للعالم الانسان هو مركز الكون, وهو الحقيقة الأكيدة الوحيدة في الوجود. لا إيمان بالغيبيات,فالكون إما نشأ تبعا لنظرية داروين, أو هناك فصل تام بين الخلق والربوبية. البيئة وجدت نتيجة لنظرية التطور, والانسان المتربع على قمة السلم التطوري يسخر البيئة لقضاء حوائجه بأي طريقة شاء, وهو غير مسؤول عن تبرير امتهانه للبيئة لا لخالق ولا لأي مخلوق آخر. وهذا الامتهان للبيئة هو من أهم أسباب زيادة تركيز الغازات الدفيئة في الجو, إبادة الغابات وغيرها من أسباب الاحتباس الحراري. الله سبحانه وتعالى هو الحقيقة الأكيدة الوحيدة في الوجود. الله عز وجل خالق ومدبر ومالك كل ما في الوجود الإنسان والبيئة سواء. موقع الانسان في هذا الكون هو موقع عبودية لله عز وجل, واستخلاف في البيئة والكون. فيجب على الانسان أن يطبق قوانين الله عز وجل في الكون. وسيحاسب الانسان على تفاعله مع البيئة. البيئة لها بعد روحاني وهي آيات الله في خلقه, فلا يستطيع المسلم أن يمتهنها كيفما شاء. لا يستطيع إبادة الغابات بقصد الربح المادي.

الرؤيا الاسلامية للعالم القيم والسلوك وتأثيرها في تعامل الانسان مع البيئة و ظهور الاحتباس الحراري الرؤيا الاسلامية للعالم الرؤيا الغربية للعالم الانسان يعتقد أنه قادر بالعقل الذي لديه أن يقرر ما هو سليم ويجب العمل به وما هو غير سليم ولا يجب العمل به. من هنا باعتقادي جاء التصادم بين الحقوق والحريات, وخاصة بين الأفراد والمجتمعات. القيم والسلوك المقبول كلها أمور نسبية, ما يكون مرفوضا في وقت ما سيكون مقبولا في زمن آخر. فمثلا من يستطيع أن يمنع أحدهم من الاسراف في حرق البترول إذا كان يدفع ثمنه وإسرافه لا ينقص من حق غيره. نرى أن جميع القيم والسلوكيات في الرؤية الاسلامية للعالم مأخوذة من القرآن الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, فكل ما يرضي الله ورسوله هو أخلاقي وسلوك حميد, وكل ما يغضب الله عز وجل ورسوله الكريم هو غير أخلاقي وسلوك مذموم أو محرم. إن الله لا يحب المسرفين, حتى لو استخدمنا أي مصدر للطاقة, الإسراف مخالف للرؤيا الاسلامية للعالم. حقوق الانسان ليست مستقلة عن الله عز وجل. فالمسلم لا يستطيع أن يقول أنني أستطيع أن أسرف في أي شيء أريد بما أنني دفعت ثمنه, لأن حقوق الانسان مرهونة بقيامه بواجباته في تحقيق هويته في العبودية والخلافة.

الرؤيا الاسلامية للعالم النظرية المعرفية وتأثيرها في تعامل الانسان مع البيئة و ظهور الاحتباس الحراري الرؤيا الاسلامية للعالم الرؤيا الغربية للعالم بنيت النظرية المعرفية فيها على فقط ما يمكن أن يقاس باستخدام الحواس, فجزأت الكون ووضعت قوانين بشرية على كل جزء منه على حدى. الانسان عامل البيئة بما يناسب جنيه المادي منها بغض النظر عن أي أبعاد روحية, ولم يدر أنه يخطىء, لأنه رفض أن يقيم عمله إلا بما يمكن أن يرى ويقاس. فعندما بدأ يقيس ظاهرة الاحتباس الحراري, بدأ يدرك أن هناك خللا ما, ثم بدأ يضع الحل في تغيير للطريقة التي يتعامل فيها مع البيئة ليس لأنه يرى البيئة الآن من منظور آخر وإنما ليدرأ الأذى عن نفسه, لكن ما هومدى التزامه بالحلول التي فرضها على نفسه طالما هو لا يؤمن بالبعد الغيبي! المعرفة نوعان: الأول وهي فرض عين على كل مسلم وهي العلم بالرؤية الاسلامية للعالم, وضمنها معرفة الانسان لهويته المزدوجة وتتضمن العلم بالعمل المناسب لتحقيق هذه الهوية. النوع الثاني يجب أن يرى من خلال النوع الاول, وهو المعلومات الدنيوية التي يحصل عليها الانسان عن طريق الحواس والتجربة والملاحظة بما أن المعرفة محكومة بالرؤيا , إذن من الأصل المسلم مطالب بايجاد واستخدام الوسائل الأكثر تماشيا مع الرؤيا الاسلامية, مثل الطاقة النظيفة التي لا تضر بالبيئة.

الخلاصة الذي سبب الاحتباس الحراري هي ممارسات إنسانية ناجمة عن رؤيا : 1- تستعبد وتمتهن الطبيعة, وتضع رغبات الانسان كمحرك للكون . 2-تشجع الانسان على الاسراف والمادية في كل شيء, وكل شيء يؤثر في كل شيء, فاقتناء المزيد من الكهربائيات يؤدي الى زيادة نسبة الغازات الدفيئة في الجو. الحلول المقترحة هي حلول جزئية تداوي الأعراض ولكن لا تعالج مسبب المرض نفسه. الحل الدائم متمثل في paradigm shift, في تبني نظرة للعالم تتفق وتنسجم مع الفطرة الانسانية وطبيعة الكون, وهذه متمثلة في رؤية مثل الرؤيا الاسلامية للعالم.